ردًا على عمر كمال.. الشيخ أحمد كريمة يحسم حرمانية أموال المهرجانات
في سياق الجدل الذي أثاره طلب الفنان عمر كمال من الأزهر الشريف فتوى حول مشروعية الأموال التي يجنيها من الغناء وما إذا كان استخدامها في الأعمال الخيرية مقبولًا في الشرع الإسلامي.
جاء تعليق الشيخ أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، ليقدم وجهة نظر متزنة ومنطقية في هذا الشأن خلال مداخلة هاتفية له مع الإعلامي محمد موسى في برنامجه "خط أحمر" حيث أوضح الشيخ كريمة أن الشريعة الإسلامية توضح بجلاء ما هو حلال وما هو حرام مستشهداً بحديث النبي صلى الله عليه وسلم "إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن وبينهما أمور مشتبهات" وهذا الحديث يعكس مفهومًا عميقًا في الإسلام بأن هناك أمورًا واضحة المعالم وأخرى قد تكون محط جدل وتحتاج إلى الحكمة والفهم السليم.
وأضاف الشيخ أحمد كريمة أن الدعوة إلى الله يجب أن تُبنى على أسس راسخة من الحكمة والموعظة الحسنة استناداً إلى الآية القرآنية "ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ" التي توضح كيف أن الإسلام يُرسي مبادئ الرحمة والتسامح في دعوته للبشر وأشار الشيخ كريمة إلى أن التسرع في الحكم على أموال الناس دون استناد إلى يقين واضح يعد تصرفًا غير منصف فلا يمكن وصف أموال شخص ما بأنها حرام إلا إذا كانت تلك الأموال مكتسبة من مصادر معروفة بالتحريم مثل تجارة المخدرات أو الرشوة أو الربا أما فيما يتعلق بالغناء والشعر فقد أوضح أن تلك المجالات تنقسم إلى ما هو حسن وما هو قبيح وهذا ينطبق على كافة جوانب الحياة التي تشمل السفر والرياضة وغيرها مما يتعلق بالترويح عن النفس
وفيما يخص مسألة أموال مؤدي المهرجانات بشكل خاص مثل عمر كمال، أوضح الشيخ كريمة أن الأمر لا يتعلق بإصدار حكم قاطع حول حرمانية تلك الأموال بل إن النظر في ذلك يتطلب فهمًا أعمق للسياق الكامل وما يُستخدم فيه تلك الأموال وتابع أن الإسلام يشجع دائمًا على تحسين الظن بالناس وعدم الحكم المسبق عليهم حيث دعا الله عز وجل إلى حسن التعامل مع الناس ونبذ الظن السيء وأضاف أنه عندما يوجه الفنان عمر كمال أو غيره أموالهم إلى أعمال خيرية تساهم في مساعدة المحتاجين وقضاء حوائجهم فإن هذا يعتبر عملًا نبيلًا حتى وإن كانت بعض الآراء ترى أن مصدر تلك الأموال قد يكون مشكوكًا فيه من ناحية شرعية
ورغم كل ذلك أكد الشيخ أحمد كريمة أن القبول النهائي لأي عمل خيري أو غيره لا يمكن أن يحسمه البشر فهذا الأمر بيد الله وحده ولا يمكن لأي إنسان أن يكون وصيًا أو حَكمًا على تصرفات الآخرين بالتحليل أو التحريم أو حتى إصدار أحكام بالكفر أو الحرمانية على أفعالهم استنادًا إلى ما يعتقدونه بل إن الله هو الأعلم بالنوايا وما في القلوب وهو الذي يحاسب الناس على أعمالهم وأضاف الشيخ أن هذه المسألة تتطلب مرونة وتسامحًا أكبر مع مراعاة المشاعر الإنسانية والظروف المحيطة بكل فرد
في الختام شدد الشيخ أحمد كريمة على ضرورة الابتعاد عن التعميم في إصدار الأحكام الدينية وخاصة فيما يتعلق بالأموال المكتسبة من مجالات مثل الغناء فمثلما توجد أفعال في المجتمع يمكن الحكم عليها بشكل قاطع مثل الرشوة والميسر فإن هناك أفعالًا أخرى تظل خاضعة لتقدير الشخص نفسه ومقاصده في توجيه تلك الأموال وأعمال الخير التي يقوم بها فهذا هو الفارق الأساسي الذي يتعين أن نفهمه ونسير عليه