أيقونة الثورة... مازن حمادة فضح وحشية السجون السورية ولم يسكته السجانون
تداول الناشطون والإعلاميون على مواقع التواصل الاجتماعي صور لجثة تعرضت للتعذيب في احد السجون التابعة لنظام الرئيس السوري السابق الاسد، تعود للناشط السوري "مازن حمادة"، مما يؤكد مقتله تحت التعذيب بعد عدة سنوات من عودته إلى سوريا وغياب المعلومات عنه في السنوات الأخيرة.
عثر على جثة شهيد الثورة السورية، بين عشرات الجثث التي تم قتلها حديثاً والتي وُجدت داخل مستشفى حرستا العسكري في ريف دمشق يوم الاثنين، ويعتقد بأنها تعود لمعتقلين من داخل سجن صيدنايا الملقب بـ«المسلخ البشري».
أعلنت جود، ابنة شقيق "مازن حمادة"، علي منصة التواصل الاجتماعي (فيسبوك) أنه عثر على جثة الناشط السوري في أحد مستشفيات دمشق.
وكتبت جود أن جثمان "مازن" كان ملقى في مشفى حرستا منذ أسبوع، وعلقت : «لو كان بإمكانك أن تتحمل هذا الأسبوع فقط يا حبيبي، وداعاً مازن، وداعاً أيها الصادق، وداعاً أيها النبيل».
من هو مازن حمادة؟
عندما اجتاح الربيع العربي في سوريا عام 2011، كان "مازن حمادة" أحد ابناء محافظة دير الزور في شرق سوريا، وكان عمره في ذلك الوقت 33 عام، ويعمل فني في مجال النفط بالقرب من مسقط رأسه بمنطقة شرق محافظة دير الزور.
كان السوريون في ذلك الوقت قد استلهموا فكرة إسقاط الرئيس من دولة تونس ومصر، وهكذا نزل الشعب السوري إلى الشوارع للمطالبة بخلع بشار الأسد الذي حكمت أسرته سوريا لأكثر من اربعة عقود في ذلك الوقت.
وكان حمادة وجهه معروف للاحتجاجات السورية اثناء الربيع العربي في ذلك الوقت واشتهر بمعارضته للرئيس السوري بشار الأسد وحكومته وجيشه.
وفي المقابلات التي أجراها كان يصف الأيام الأولى للاحتجاجات، وقال في فيلمه الوثائقي: «المختفون قسرياً في سوريا» والذي اصدره في عام 2016: «عندما ترى المظاهرات، يطير قلبك من الفرح، أقسم ألا أحد كان يصدق حدوث ذلك».
لفتت نشاطات "مازن حمادة" داخل سوريا بصفته متظاهر وصحافي يتحدث للمحطات الإخبارية الأجنبية، انتباه حكومة بشار الاسد إليه. واعتُقل مازن، وسجن الآلاف من الأشخاص الذين شاركوا في المظاهرات.
الاعتقال
اعتقل "مازن حمادة" مرتين، ولكن لفترات قصيرة بمدينة دير الزور، قبل انتقاله إلى مدينة دمشق عام 2012، واعتقل هناك مرة اخري، ونقل إلى مقر المخابرات الجوية في حي المزة، وهناك بدأ الكابوس الذي عاشه وحكي تفاصيله لحظه بلحظه.
بعد الإفراج عنه في عام 2014، واختار مازن حمادة أن يغادر البلاد إلى دولة أوروبا وحصل على اللجوء في هولندا ، ومنذ ذلك الوقت نشط مازن حمادة في أوروبا لتعرية كافة أساليب وطرق التعذيب داخل السجون السورية.
بوجه شاحب وحزن يغرق مقلتيه وجسد ضعيف ودمعة لا تفارق خده، ظهر الناشط السوري "مازن حمادة" في المقابلات التلفزيونية حكي قصص مرعبة عما تعرض له من تعذيب وترهيب داخل السجون السورية.
وحكى مازن في مقابلاته كيف كسر الحراس أضلاعه عندما قاموا بالقفز فوق جسده، وكيف أحرقوا جلده بأعقاب السجائر، وكيف اهتز جسده بفعل الصعقات الكهربائية... وكيف اغتُصب.
انهمرت دموع مازن من عينيه وهو يقول في الفيلم الوثائقي: «لن أرتاح حتى أراهم إلى المحكمة، حتى ولو دفعت حياتي ثمن لذلك، سألاحقهم وأحاكمهم، مهما كلفني هذا الامر».
في احد المقابلات، عند سؤاله: «ما شعورك تجاه الذين عذبوك؟» انهمرت دموع مازن وأجاب: «لا بد من أن آخذ حقي وأحاكمهم».
وبعد تقديم شهادته، أطلق الناشطون عليه لقب «الميت المتكلم» لأنه نجا من الموت الذي يهدد أي معتقل داخل سجون بشار الأسد، وايضا تعابير وجهه الحزينة والآثار النفسية التي خلفها التعذيب فيه داخل السجون السورية.
لغز العودة لسوريا
في عام 2020، عاد "مازن حمادة" إلى سوريا، ليُعتقل من داخل مطار دمشق، واختفى أثره منذ ذلك الوقت قبل أن تظهر جثته داخل غرفة التبريد بمستشفى حرستا بريف دمشق.
وتبقى قصة عودة حمادة إلى سوريا مجدداً بعد تعرضه لتعذيب في السجون السورية لغز، حيث قرر مازن بشكل مفاجئ عام 2020 العودة من هولندا إلى سوريا، بعد محاولات إقناع عديدة من قبل دمشق، بينما كان في حالة نفسية سيئة حسب ما أكدت عليه ابنة أخيه جود حمادة في مقابلة تلفزيونية لها .
أحيا سقوط الأسد في 8 ديسمبر الآمال في العثور علي مازن حمادة، بينما كانت الفصائل المسلحة تخلع أبواب السجون لتطلق سراح مئات المعتقلين، ولكن عثر على حمادة جثة هامدة داخل أحد مستشفيات العاصمة. ورغم انه تم قتله لإسكاته، فإن «السجانين» فشلوا حيث رسمت الكدمات وآثار التعذيب عليه، صورة التعذيب الذي تعرض له.