مصر في مرمى انتقادات "مواقع التواصل الاجتماعي" بسبب حرب غزة
وضعت حرب غزة، القائمة منذ أكثر من عام، مصرَ في مرمى الانتقادات المتصاعدة، وكان آخرها انتشار مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، يُظهر فيه عبور سفينة حربية إسرائيلية من قناة السويس.
علي الرغم من تأكيد القاهرة بأن عبور السفن الحربية للقناة هو أمر تحكمه الاتفاقيات الدولية التي تعمل علي تنظيم عمل ممرّات الملاحة العالمية، وتواصلت ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي بين داعمين لموقف مصر واحترامها لالتزاماتها الدولية، وبين رافض مرور مدمرة إسرائيلية في ممرّ ملاحي مصري بالتزامُن مع استمرار حرب غزة .
وتصدّرت هذه الواقعة «الترند»، اليوم السبت، عن طريق وسومات عديدة، من بينها (#السويس)، و (#علم _مصر)، و (#ممر _دولي) ، و (#الاتفاقيات الدولية) ، بالتزامن مع ظهور وسم باسم (# ماتصدقش _الأكاذيب) ، في محاولة للرد على الشائعات التي طالت الدور المصري في «حرب غزة»،في الأيام الماضية.
وتداول روّاد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يُظهر فيه عبور سفينة حربية ترفع علمَ مصر وإسرائيل من قناة السويس، مصحوب بأصوات تُبيّن رفض عدد من الأشخاص كانوا حاضرين وقت مرور السفينة، وانتقد مجموعة من روّاد مواقع التواصل مرور المدمرة الإسرائيلية داخل قناة السويس، متسائلين : «لماذا سمحت القاهرة بذلك في وقت تواصل فيه اسرائيل عدوانها على غزة؟ ».
وبناء علي ذلك أصدرت هيئة قناة السويس المصرية، في مساء يوم الجمعة، توضيح رسمي، رداً على ما تم تداوله من التساؤلات على منصات التواصل الاجتماعي، وأكّدت علي التزامها الشديد بتطبيق الاتفاقيات الدولية التي تكفل حرية الملاحة البحرية للسفن العابرة داخل القناة، سواءً كانت سفن تجارية أو سفن حربية، بدون تمييز لجنسية السفينة، وذلك اتفاقا مع بنود اتفاقية القسطنطينية التي تشكّل ضمانةً رئيسية للحفاظ على مكانة القناة، كأهم ممَرّ بحري علي مستوي العالم ».
وقالت الهيئة ايضا إن «عبور السفن الحربية في قناة السويس يخضع لإجراءات خاصة»، وأوضحت بأن «اتفاقية القسطنطينية» تم توقيعها عام 1888، ورسمت منذ ذلك الوقت الملامح الرئيسية الخاصة بطبيعة التعامل الدولي لقناة السويس، حيث قامت بحفظ حق جميع الدول علي مستوي العالم في الاستفادة من هذا المرفق العالمي ، وأشارت أن الاتفاقية تنص في مادتها الأولى على أن تكون قناة السويس البحرية دائما حرة ومفتوحة، سواءً في وقت الحرب أو في وقت السلم، لكل السفن التجارية أو الحربية بدون تمييز لجنسيتها .
ولم يُهدّئ هذا التوضيح الرسمي الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن أبدى عدد من روّادها غضب من مشهد عبور المدمرة الإسرائيلية، ولا سيما مع رفعها العلم المصري، وفي مقابل ذلك دافع آخرون عن موقف قناة السويس، واكدوا أن ما حدث هو امر طبيعي، ويأتي التزام بالاتفاقيات الدولية .
وكتب "حسن هيكل" الاقتصادي المصري، عبر حسابه على منصة «إكس»، يوم السبت، قائلاً إن قانون البحار ينص على أن ترفع السفينة علم تسجيلها، وايضا علم البلد الذي تمرّ منه، ولا يمكن لقناة السويس ان تمنع مرور أي سفينة، إلا في حالة إعلان مصر الحرب .
واكد الدكتور عمرو الشوبكي مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في مصر، إن « مرور السفينة الحربية الإسرائيلية داخل قناة السويس بقدر ما يمثّله من ألم لكثيرين في ظل العدوان على قطاع غزة، ولكن لا بد من إدراك أن القناة هي ممرّ دولي محمي بالقوانين الدولية التي قامت مصر بالتوقيع عليها ».
وأضاف أن «منع السفينة الإسرائيلية من المرور لا يُعتبر فقط تصعيد ضد تل أبيب؛ بل إخلال بالتزامات مصر الدولية والقانونية، وهو أمر يعتبر من الصعب الإقدام عليه في الظروف الحالية».
جاءت واقعة مرور السفينة الحربية في قناة السويس، بالتزامن مع استمرار حالة الجدل بخصوص اتهام مصر باستقبال سفينة تحمل شحنة متفجرات تتجه لإسرائيل ، وهي الاتهامات التي قامت مصر بنفيها، في إفادتين رسميتين، واكدت بانها أكاذيب وتشويه لدورها التاريخي والراسخ في دعم القضية والشعب الفلسطيني .
وأشار الشوبكي أن هناك حالة من عدم الوضوح فيما يتعلق بالسفينة «كاثرين» التي قيل بإنها كانت تحمل شحنة متفجرات لإسرائيل، ورست في ميناء الإسكندرية ، وهو غموض لم يحسم بالردود الرسمية المصرية، على الأقل لروّاد مواقع التواصل الاجتماعي .
وأرجع الشوبكي هذا إلى ان التعامل مع الأمور بمنطق رد الفعل الذي يأتي متأخر عادةً، وقال : «منذ بداية حرب غزة تعرضت مصر لاتهامات وشائعات عديدة، من بينها المزاعم الإسرائيلية بأن مصر هي المسؤولة عن منع المساعدات من المرور من خلال معبر رفح».
وأضاف بأنه علي الرغم من كذب هذه المزاعم، فإن القاهرة لم تردّ عليها بشكل رسمي إلا بعد اتهامات إسرائيل لها أمام محكمة العدل الدولية، واشار أن هذا الأمر يتكرّر مع عدة وقائع اخري ، وكان آخرها السفينة (كاثرين) التي جاء التوضيح المصري الرسمي بعد تداول الأمر على مواقع التواصل الاجتماعي».
وتعليقاً على هذه التصاعدات والانتقادات، قال الإعلامي أحمد موسى، عبر حسابه الرسمي على «إكس»، اليوم السبت، هذا جزء من المخطط للضغط على مصر، لرفضها السماح بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء .
و يرى الشوبكي أن الانتقادات والوقائع يتم توظيفها من جانب بعض الأطراف لأغراض سياسية، ويقول إن «بعض الانتقادات ينبع من حساسية شعبية وحالة تعاطُف في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة»، وأكّد بأن مواجهة الانتقادات وحملات التشويه تكون فقط بالوضوح والشفافية، واتباع سياسة الفعل وليس سياسة رد الفعل».