خلال 13 ساعة...طبيب مصري يجري 33 عملية في قطاع غزة
سافر استشاري الشبكية المصري، الدكتور محمد أحمد توفيق، إلى قطاع غزة في مهمته الثانية مع بعثة طبية من مؤسسة “Fajr Scientific Arabic” ، برفقة جراح العيون الأسترالي جيرمي هاكي، وايضا جراح الأعصاب العراقي محمد طاهر.
الدكتور محمد أحمد توفيق، من مواليد محافظة الشرقية، وخريج كلية طب جامعة الزقازيق 2006، و استشاري الشبكية والجسم الزجاجي، ويعمل أستاذ مساعد في معهد الرمد بمدينة القاهرة، وايضا هو عضو الجمعية الأوربية لتصحيح عيوب الإبصار، وزميل في الكلية الملكية، لطب وجراحة العيون .
لم يكن في نية الطبيب محمد احمد ولم يخطط نهائيًا للسفر إلى غزة، وجاء هذا الأمر بمحض الصدفة كما قال أثناء بودكاست "نقطة عاميا".
وأن هذه القصة قد بدأت برسالة تم ارسالها على ماسنجر من طبيب الشبكية محمد مسلم من داخل قطاع غزة، يطلب فيها استشارة الطبيب محمد احمد توفيق في تجهيز غرفة العمليات لجراحة الشبكية، وشراء الأجهزة الطبية الحساسة.
من اكثر الأشياء التي جعلت إرسال الأجهزة الطبية من اصعب المهام، بسبب ضرورة وضعها داخل شنط السفر لأن هذه تعتبر الطريقة الوحيدة للمرور من خلال معبر رفح، فبادر الطبيب محمد احمد توفيق بالتطوع واستعد لهذه المهمة الحساسة .
وضع محمد الأجهزة في سبعة حقائب سفر، حيث سافرت البعثة الطبية بأكثر من 300 حقيبة تحتوي على مجموعة من المعدات الطبية والأدوية. وعلي الرغم من أن المهمة كانت مقررة لمدة 12 يوم، إلا أنها امتدت إلى 21 يوم.
ويصف الطبيب المصري المعجزة "محمد احمد توفيق" البالغ من العمر 40 عام، صعوبة الأوضاع النفسية التي قد عاشها في حلول اليوم الثالث عشر، علي الرغم من تواجده داخل منطقة قام بوصفها بأنها باريس غزة، حيث توفرت فيها الماء والكهرباء والمواد الأساسية.
أكثر ما شجع الطبيب المصري على الصمود هو روح الأطباء الفلسطينيين الذين كانوا يتنقلون إلى المستشفى الأوروبي بمنتهي الحيوية، علي الرغم من صعوبة الوصول، وكان بعضهم يسير لمدة ساعتين للوصول إلى العمل.
وكان من أكثر المواقف التي تأثر بها الطبيب المصري "توفيق" كانت مشاهد الأطفال، الذين اعتادوا علي سماع أصوات القنابل والطائرات، وأصبحوا قادرين على التمييز بين طائرات العدو وطائرات المقاومة، إلا أن الأخطر داخل القطاع هو الألغام التي تشبه علب الطعام، و تسببت في الكثير من الإصابات القاتلة بين الأطفال الجوعى الذين يظنونها طعام.
وعلي الرغم من غياب نظام التحكم في العدوى وظروف العمل البدائية داخل القطاع ، الا ان الطبيب المصري المعجزة تمكن من إجراء 125 عملية جراحية ناجحة قبل أن يغادر القطاع، في وسط دعوات الفلسطينيين وامتنانهم له.
واستعداده للعودة مرة اخري إذا سنحت الفرصة، وهو ما حدث فعليًا ، حيث عاد الطبيب مرة اخري ليواصل عمله وأجرى 33 عملية مياه بيضاء في يوم واحد فقط ، بعد 13 ساعة من العمل المتواصل.
ومن أشهر المواقف التي حكي عنها توفيق هي حالة طفل فقد بصره بسبب القصف،و أصيب بينما كان يلعب على جهاز الآيباد داخل منزله، في بداية الأمر، أمل الأهل بأن تكون هناك اي فرصة ولو بسيطة لاستعادة الرؤية بعينه اليسرى، ولكن في العمليات اكتشف توفيق أن الشبكية قد انفصلت تمامًا.
وكان في نفس البعثة، جراح الأعصاب العراقي البريطاني محمد طاهر، والذي ترك لندن وذهب إلى قطاع غزة بإراداته وقضى فيها ثلاثة أشهر، وتحدث عن إيمانه بالله وتأثره بصمود أهل غزة.
تعلم الطبيب محمد طاهر معنى التضحية والصبر، يروي عن أصعب لحظاته داخل مستشفى الأقصى، حيث شهد مقتل الأطفال تحت القصف المستمر، ووصف هذه الأيام بالأيام السوداء، وكان من أكثر الحالات التي تأثر بها طفلة صغيرة احترق 80% من جسدها وفقدت حياتها علي الرغم من محاولاته لإنقاذها .