عبد العزيز بوتفليقة هو أحد أبرز الشخصيات السياسية في الجزائر ، حيث لعب دورًا محوريًا في تاريخ البلاد المعاصر. وُلد في 2 مارس 1937 في مدينة وجدة المغربية، لأبوين جزائريين. انخرط بوتفليقة في الحركة الوطنية الجزائرية منذ شبابه المبكر، حيث انضم إلى جيش التحرير الوطني أثناء حرب الاستقلال ضد الاستعمار الفرنسي (1954-1962)، وشارك في عدة عمليات عسكرية.
بعد استقلال الجزائر، لمع نجم بوتفليقة بسرعة، حيث أصبح وزيرًا للشباب والرياضة في أول حكومة جزائرية بعد الاستقلال، ثم وزيرًا للخارجية في عام 1963، وهو في سن 26 عامًا، ليصبح أصغر من يتولى هذا المنصب في العالم. خلال فترة عمله كوزير للخارجية، برز بوتفليقة كدبلوماسي محنك، حيث لعب دورًا بارزًا في تعزيز العلاقات الدولية للجزائر ودعم حركات التحرر في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، وأصبح وجهًا مؤثرًا في حركة عدم الانحياز.
بعد فترة طويلة من الغياب عن الساحة السياسية، عاد بوتفليقة في نهاية التسعينيات ليصبح رئيسًا للجزائر في عام 1999، في مرحلة حساسة عانت فيها البلاد من حرب أهلية دموية عُرفت بـ"العشرية السوداء". قاد بوتفليقة مبادرات للمصالحة الوطنية، ومن أبرزها "قانون الوئام المدني" الذي سعى إلى إنهاء الصراع وإعادة دمج المسلحين في المجتمع، وهو ما ساهم في استعادة الاستقرار النسبي في البلاد.
على مدار أربع فترات رئاسية، ركز بوتفليقة على تطوير البنية التحتية وتعزيز الاقتصاد من خلال الاستفادة من إيرادات النفط. رغم نجاحاته في استعادة الاستقرار، إلا أن حكمه شهد تزايدًا للفساد وتراجعًا في الحريات السياسية. وفي عام 2019، وتحت ضغط الحراك الشعبي الرافض لترشحه لولاية خامسة، أعلن بوتفليقة استقالته بعد 20 عامًا من الحكم.
تظل مسيرة عبد العزيز بوتفليقة مزيجًا من الإنجازات المثيرة للجدل، فقد كان قائدًا جلب الاستقرار للجزائر، لكنه ارتبط أيضًا بتركيز السلطة وتفاقم الأزمات السياسية.